أحببت أن أنقل شيئا ً مما سمعته على الإذاعة "شخص إذاعي جدّا ً أنا على فكرة :)"، هي عن حادثة معروفة حيث جاء شابّ إلى الرسول الحبيب، محمّد صلى الله عليه و سلّم، يستأذنه في الزنا! يريد "رخصة" من النبيّ في أن يزني لأنه لا يستطيع (و لا يريد!) أن يترك ذلك. القصّة معروفة كما ذكرت و لكن أعجبني المنظور الذي تناوله المتكلم من القصة.
هو سلط الضوء على مشاهدات تعكس كيف أن رسولنا العظيم احتوى الموقف بقلبه الرحيم، و استخلص لنا دروسا ً قيّمة بالفعل.
ذكر كيف أنّ الرسول كفّ أصحابه عن الشابّ حين حاولوا زجره و نهره عمّا قال و طلب. كيف أنه هدّأ من روع الشابّ و أدناه منه. كيف أنه استخدم معه الأسلوب المناسب (لم يهدّده أو يروّعه بآيات العذاب "ابتداء ً على الأقلّ" بل استخدم طريقة تناسب عمره و تكلم معه بعقلانيّة و إقناع). و في النهاية دعا له و انتهى الموقف!
لدى التوقف عند التصرّفات التي قام بها خير الأنام، نلاحظ كيف أن منبعها هداية الناس و الرحمة بهم (و ما بعثناك إلا رحمة للعامين). كفه أصحابه + تقريبه للشابّ منه + التكلم معه بهدوء و تذكيره بأنّ الناس لا يرضون لأزواجهم/بناتهم/عماتهم/خالاتهم بالزنا كما لا يرضى هو بذلك لمحارمه أيضا ً.
و هناك نقطتان أخريتان:
الأولى: كيف أنّ الشابّ ذهب لرسول الله، و في مجلسه. لم يخَف و لم يقابله وحده مثلا ً. لماذا؟ لأنّ تصرفات الرسول في حياته اليوميّة مع الكل هي مثالُ العطف و الرحمة. الشابّ كان مطمئنا ً و كذا واثقا ً من استجابة الرسول إليه. و الثانية: أنّ الرسول الكريم و بعد أنْ تمكن من احتواء "الموقف" لم يقم في نهاية الأمر بزجر الشابّ أو التقليل من شأنه مثلا ً، بل دعا له! و في هذا درسٌ بالغ الأهميّة للقادة و المربّين في كل مجال، بأن لا يحاولوا فرض سطوتهم على الآخرين (لتعزيز سلطتهم في عيون الآخرين و/أو تحذير الباقين من تكرار تصرّفٍ ما مثلا ً) و بخاصة بعد "استحواذهم" على قلوب و عقول مرؤوسيهم.
-ورد في الأثر أن الشابّ عندما خرج من عند رسول الله، و بعد أن دعا له، لم يكن شيء ٌ أبغض في قلبه من الزنا. طبعا ً هذا بتوفيق ٍ من الله عزّ و جلّ و لكن الشاهد هنا أن "معاملة" الرسول له كانت العامل الحاسم في تغيير نظرة الشابّ.
أحبّ أن أضيف موقفا ً آخر يوطّن لمدى رحمة الرسول؛ عندما جاءه عبد الله بن عبّاس يوما ً و هو صغير و ضمّه إليه و دعا له بالعِلم (حبر الأمّة هو عبد الله بن عبّاس). ما أريد أن أستوقفه هنا هو لقطة "ضمّه"، كان الرسول ذا قلب كبير ٍ كبير و عطوف على أمّته.
هذا ما أحببت مشاركتكم إيّاه. :)