Hello there! and welcOme

Ghiya Rushidat - Rouhani

18 Jan 2011

واقعيّ إلى درجة الإيلام؟!

في أحد العوالم البعيدة-القريبة، كان هناك مجموعة من الناس نذرت لنفسها العيش بعيدا ً عن سائر البشر، اتخذوا من كهف مظلم و عميق الهوة مسكنا ً لهم و عاشوا هناك أجيالا ً و أحقابا.
و لأن كهفهم لا ضوء فيه؛ فقد أصيب غالبيتهم بضعف شديد في النظر، و مع ذلك فقد استنبطوا لغة و كيفية حياة خاصة بهم مشتملة على الأصوات و الرموز التي لا يفهمها سواهم.
كان هنالك فتى و فتاة، حاولا التمرّد على أسلوب الحياة ذاك. كانا يعتبران مصدر عار لعائلتيهما و في النهاية صارا منبوذين من الجميع.
كان الفتى يذهب بتكرار متأجّج إلى "المنطقة الممنوعة" ، قريبا ً من فتحة الكهف.. و هناك يرى، أو يُخيّل له، خيالات على جدران الكهف، خيالات ما هي إلا إنعكاسات للضوء الآتي من "الخارج" ، الخارج الذي يحلم به كل ليلة، و كل أيامه ليل على كل حال. و كانت تتناهى إلى سمعه أيضا ً أصوات غير مفهومة، دوما ً ما عزاها إلى حبور غامض لذيذ يتمتع به أهل "الخارج" و طالما اشتاق إلى تذوق تلك الأصوات. كان كلما رجع من "مغامراته" أخبر تلك الفتاة عن كل ما اختبره.
كانت الفتاة تحاول تعليم الصغار بعضا ً مما تبقى من الكتب و المخطوطات، و بلا كلل.
و كانت تنتظر أقاصيص الفتى و تحلق بها و معها في قصص كتبها التي تملك و تحفظ.
ذات يوم أتاها الفتى و عيناه تلمعان بشكل غير مسبوق و خطير، أخبرها بصوت لا رجفة فيه بأنه قرّر أن يخرج من الكهف! أن يغادر... طلبها معه، أبت في البداية و لكن سرعان ما طغى شعور شوق الحرية و استقصاء "الخارج" على كل كيانها.
جمعا بعضا ً من حاجياتهما و بعض الطعام و ذهبا.
وقفا على حافة الكهف و هما يرتعدان. يفكران بالخطوات البسيطة التي تبقت و كأنها الدهر كله! سحب الفتى يد الفتاة و سار بعزم نحو... نحو المجهول.

في البداية آلمتهما عيناهما و غمرهما الضوء الساطع و الألوان و كذا الأصوات الغريبة.  اختبآ خلف "شيء" عرفا لاحقا ً أنه شجرة!
أناس كثر و كائنات غريبة، تمشي على أربع و كائنات تحلق على مقربة منهما و أناس، أناس مثلهم و لكن بعضهم يبتسمون! ملابسهم مضحكة و مشيهم مختلف. آه، هذا هو ال"خارج" اللذيذ. لن يعودا أبدا ً للكهف.

قضيا أسابيع مثيرة، عرف الناس قصتهما و بدؤوا يسألونهما عن حياة الكهف، أجابا و سألا بدورهما حتى ارتويا.

بعد شهرين قرّر ناس "الخارج" أن عليهم أن يحرّروا باقي أهل الكهف من حياتهم البائسة، طلبا من الفتى و الفتاة أن يرشدوهم إلى فتحة الكهف فرفضا في البداية. و بعد أخذ و ردّ وافق الفتى و بقيت الفتاة على رفضها و لكنها سكتت على مضض.
كانت خائفة أن يعاقبا و ألا يتقبل أهل كهفها الحياة في الخارج. و بدأت تقارن بين حياتيْها.
صحيح أن حياتها المقيتة المملة في الكهف لم تعجبها و لكن أيضا ً ما رأته من مظاهر الحياة في الخارج و فوضاها لم يرق لها أيضا ً و فجأة أحست بأنها أفاقت من حلم شبه مزعج
، و أنها حقيقة ً: ليست مسرورة هنا. و تناهى إلى سمعها صوت الفتى يتكلم مع أشخاص :" كما اتفقنا... ترشدنا إلى الكهف و إلى أماكن مخازن الطعام عندكم و نحافظ على حياة عائلتك و نزوّجك من ابنة التاجر التي أعجبت بها"  / الفتى: "حسنا ً جدا ً"
و تراءت لها الفتاة و كيف أن الفتى "فتاها!" كان مشدوها ً بها و لأكثر من مَرة رأتهما يسيران معا ً و يتضاحكان... جن ّ جنونها! أحست بالغبن و بأنها خانت "كهفها" و أقسمت أن تصلح الأمور. خافت لهنيهة و لكن عودة إلى صوت الفتى و هو "يغدر" أزال عنها كل تردّد.

زحفت إلى سكينها، سكينها الذي طالما كرهته لأنه كان معول وظيفتها في الكهف؛ قطف الثمار.
بلا شفقة طعنت الفتى، و تبعت الطعنة طعنات حتى تأكدت من موته! ارتعدت للحظة عندما رأت دمائه و لكنها أطلقت لساقيها العنان و رجعت لكهفها لا تلوي على شيء.

وصلت ل"بيتها" ، لم تعلم ماذا تقول ولا كيف! فقدت القدرة على التعايش مع العتم! الضوء الذي ابتلعته -بكل مظاهره- آلمها و أقعدها عن الكلام.
رآها الناس الكهفيون ، أحسوا بأنها تغيرت، حاولت التواصل معهم، عجزت! حاولت الصراخ، هيهات! أشارت لهم ، لم يفهموا.
رؤوا الدم يقطر من سكينها، سألوها بلغتهم فلم تفهم، بكت فلم يكترثوا ، و بعد ساعات أشاروا عليها بأن تخرج من الكهف، ذعرت! رفضت فلم يكترثوا.
قيدوها و أوصلوها لحافة المنطقة الممنوعة، بكت متوسلة و لكن أحدا ً لم يرأف لحالها و لم يحاول أن يتفهم.
وقفت على حافة الكهف، تريد الخلاص، تريد قرارا ً. تناولت سكينها و غرزته في قلبها. و نزفت حتى ماتت!
 -------
القصة بتصرف كبيييييييير من قصة لآرسطو أو أفلاطون و الله لست متأكدا ً ، قرأتها منذ زمن و أثرت في كثيرا ًَ لدرجة أني زدت عليها شخوصا ً و أحداثا و ما كتبته جزء مختصر لل"تصرف" ... لكَِ أن تشاركني رأيكَِ في الإسقاطات و السوريالية و "تعريف" من هم الشخوص :)
 --------
هذا أول إدراج "قديم" أعيد نشره :)
تاريخ الإدراج كان ب: 11-أيار-2005 م

22 comments:

  1. هاي القصه من قصص افلاطون, درستها في الفلسفة اليونانية القديمة :) بس بصراحة ما بعرف شي عن الجزء تبع خيانة الفتى للفتاه ولأهل الكهف ,
    الفكرة ان الحقيقة مو دايما هي الشي اللي انت شايفة وانة الحقيقة ممكن تكون في مكان تاني .
    كمان المفروض بالقصة انه هاد الفتى بشوف الخيالات لمدة حتى بفكر انها حقيقة وبعدين بكتشف انها خيالات ... الخ
    شكرا على القصة الجميلة ..

    ReplyDelete
  2. أهلا ً هناء - درستيها؟ ما شاء الله :)

    أنا ذكرت إنو القصة "بتصرف كبيييير" و فيها إضافات/شطحات و اخترت جزء من الشطحات لإدراج اليوم :)
    القصة الأصلية زي ما اتفضلت بأنو مقارنة بين التهيؤات و الواقع.

    ReplyDelete
  3. هيثم باشا، القصة جميلة و أول مرة باسمعها، لكن ما اعرفت شو العبرة: نظل في كهفنا و مغمضين عينينا و راضيين بإللي إحنا فيه و إلا بتشجعنا نروح نشوف الدنيا و بعدين نرجع نقنع بإللي إحنا فيه، و إل بدك تقول إنه الغدر مش منيح و إلا بدك تقول إنه حواء غيورة.

    لولا إني باعرفك بتحبش تتدخل بالسياسة لقلت إنك بتغمز من قناة بعض ناس

    ReplyDelete
  4. صالح بيك :)
    تشابك ال"أمور" مقصود و فيه أكثر من مغزى
    و أي سياسة! دخيلك... الله يحيي النشامى و .... بس!
    :]

    ReplyDelete
  5. القصه حلوه و اول مرّه بسمع فيها
    اللي فهمته هو المعنى الواضح اللي انت شكلك ما بتقصده من القصه :$

    و بس وصلت ل " الإسقاطات و السوريالية" حكيت شو بدّه الشب !!!

    بحبش احكي بالسورياليه انا...خلص هيك من الباب للطاق ما بطيقها انا :$

    ReplyDelete
  6. القصة هي من الفلسفة اليونانية القديمة
    للفيلسوف أفلاطون
    كل شخص فيها
    وكل حدث وكلمة تحمل رمزية
    وهذا ما نسميه في الادب الرمزيةsymbolism

    وأرك اليوم تعيد طرح هذه القصة
    لترمز من خلالها لما تود طرحه لكن بطريق غير مباشر
    الكهف والعتمةوالتمرد افتى الخيانة الفتاة
    الكهفيون الناس الشجرة اللغة كل منها يحمل
    رمزاً لحياة ولطريقة تعايش
    هكذا هي الفلسفة
    وهكذا هي حياتنا
    أشكر طرحك المتميز
    ممتعة جدا

    ReplyDelete
  7. الجميل فى كل القصص والاساطير ان لها عمقا يمكن لكل قاريء ان يدلى دلوه ويجرب حظه
    تحياتى لشخصك الكريم

    ReplyDelete
  8. I liked it symbolises all humans they seek for the unknown and once they get it they relize it's not what they really wanted

    ReplyDelete
  9. انا اجيت الظهر وما فهمتش العبره وهلا عاودت الكره...وما زبطت معي :)

    لذلك سأكتفي بلطش الحكايه واحكيها لزينه بنهايه سعيده من تأليفي واسقاطات على مزاجي

    مساء الفل

    ReplyDelete
  10. ما بعرف أو ما بديت أقرأ تذكرت فيلم جيم كيري
    (the Troman show ). في النهاية هو طلع من الكهف -أو العالم الافتراضي ياللي كان ملزم يعيش فيه- وهاد الطبيعي لإنه الانسان شغوف لمعرفة العوالم الأخرى. البنت والولد ما غلطوا بس هيه كانت جوا الكهف (محميّة) وما بتعرف الواقع الإنساني اللي تمثل بمحاولة خيانة الفتى إلها...
    هسه لو أنا مكانها ما بتكون النهاية هيك!
    ذبخته ومع السلامة.. وأهلها رفضوها بالناقص.. بروح بعمل كهف جديد وببدا حياتي زي ما بدي أتصورها بدون فرضيات من حد..
    شو رأيك بهالإسقاطات و السوريالية !!

    ReplyDelete
  11. ويسبر: أعطي عمتو سوريالية فرصة ثاااااانية، بلييييييييز ... ترا هي تقريبا ً من جيلك و بتونسوا بعض ... هههههههه *he scores*

    ReplyDelete
  12. زينة: :) بصراحة توقعت يكون ردك إنت مثل هيك :)
    إدراجاتك فيها كثير من اللا مباشر"اتية" هذه :)

    شكرا ً لك

    ReplyDelete
  13. راجي: و هذا بالضبط رأيي كذلك :) - حتى رأي الشخص نفسه يختلف بعد فترة معينة و/أو باختلاف ظروف معينة في/على حياته

    ReplyDelete
  14. طارق: بالضبط! واحد من المحاور الرئيسة أكيد
    ما بنقدر ما نحن فيه إلا ... إلا بعد فوات كل شيء!

    ReplyDelete
  15. نيسان: لاااااااااااا
    أبنفعش هيك! حجة مشان تسرقي القصة! *هيثم عم بيتصل بالمحامي الشهير "طربش" مشان قضية اختلاس أفكار و حقوق ملكية*

    ReplyDelete
  16. كيكي: و الله إسقاطات ممتازة! :)
    يمكن هذاك الفيلم هو الوحيد اللي عجبني لجيم كاري بدور غير كوميدي (هو أصلا ً عنده غير هالفيلم اللا كوميدي؟)

    بالله إذا بتلاقي شي كهف و بإيجار مناسب خبرينا! :)

    ReplyDelete
  17. ما بيطلعلك لا محامي ولا غيرو...ما انت اصلاً لطشتها من عمو افلاطون وعدلت عليها باسقاطاتك السورياليه الميتافيزيقيه الرمزيه

    ReplyDelete
  18. نيسان:
    شكلو ما قرأتي التعليق على الإدراج تبع جوجل ...

    ها هو مجدّدا ً : :P هو كان رد عليك و على نانا ويسبر

    "هيثم يبحث عن معنى كلمة "مضطهد" في القاموس"!

    ReplyDelete
  19. من عمري!!!!
    لتكون مفكر اذا حطيت صور WINNIE THE POOH فخلص ...اساسا السورياليه مولوده بال 79 هيك انا بعرف

    لو دورت بالقاموس منيح بتلاقي باخر السطر نجمه بتنزل بنظرك للحاشيه بتلاقي

    *هيثم

    Aaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaand she wins :D

    ReplyDelete
  20. ويسبر!: إنت شريرة (بفتح الشين على طريقة هيام) !
    و بس
    قصة ويني ذا بووه حأدرجها اليوم، لوول

    ReplyDelete
  21. كتييير رائعة القصة ، ما الي بالفلسفة وهالكلمة بتعملي حساسية بس القصة بتحمل معاني عميقة كل جزء فيها برمز لإشي، كتيييير مميزة بوركت وسلم قلمك الذهبي أخي هيثم

    ReplyDelete
  22. كلنا يمكن بنعاني من هال حساسية :) ، بس لا مناص منها و صعب أن نتنصل من حيثياتها في حياتنا كلها

    شكرا ً لكلامك و سعيد لوجودك :)

    ReplyDelete